طباعة

حيدر الهاشميالعراق

 

الضجة التي تحدثها الطيور على أشجار المنازل و أسلاك الهاتف , قبل حلول المساء , هي أشبه بفكرة مجنونة , لا تعرف بأي مكان تستقر , و أنت كقطعة خشبية متسمراً أمام مرآة دكان حلاقة قديم , تحدق بها طويلاً, تبحث عن ابتسامتك المفقودة , وتجمع أوراق ما تبقى من ذكرياتٍ وأغنياتٍ قديمة

يقترب منك الليل ويلتهم الظلام , ما تبقى من ملامح النهار , بينما  ترتفع أصوات الموسيقى , وتزين المصابيح الملونة الحدائق العامة , البارات والأزقة الضيقة . ثم يتلاشى ظل المارة وتختفي أصواتهم  ويتحول المكان إلى رصيف قاحل , لا تزال تراوح مكانك , تبحث عن شجرة كبيرة , لغرض التبول , تشعل ناراً من الأوراق التي جمعتها من القمامة , تقاوم البرد , لكن هذا الدفء لن يستمر, تمسك عربتك  وقبل أن تفكر بالانصراف , تسمع صوتاً يناديك  من الخلف ,أنه  تاجر داهمه الليل هو الآخر .

التاجر : أيها الحمال قف مكانك , هل بإمكانك إيصالي إلى نهاية الشارع ؟

الحمال : نعم , لكن هذه البضاعة ثقيلة الوزن , كيف سأستطيع حملها ؟

التاجر يقهقه ثم يضربه على قفاه :

هيا , لا وقت لدي , أنت جرب فقط ,ستكون في المستقبل حمالاً جيداً.

سار الحمال  والتاجر يراقبه , تصفع وجهه الرياح  الباردة , تتساقط دموعه كالمطر , يتوقف قليلاً  , يخرج من جيبه منديلاً يمسح عينيه , يصرخ به التاجر .

 : لمَ توقفت أيها الأبله , ألم أقل لك  , لا وقت لدي .

الحمال : لا شيء , تذكرت موت  أبي .

التاجر :  كلنا سنموت , أما بالحمى أو بالكوليرا , لا تحزن هكذا هي الحياة .

الحمال : لقد ذهب  للحرب ولم يعد إلينا كاملاً , ومنذ ذلك الحين وأنا أصنع له رأساً من طين  ,  أضعه بجوار قبره , كلما زرته , لعله يعود إلينا سالماً من جديد .

   التاجر : أنتم الفقراء تتوارثون البؤس , خذ هذا ألف دينار وأنزل البضاعة هنا .

الحمال : هذا المبلغ قليل جداً يا سيدي , الأجرة خمسة آلاف , أخوتي جياع وأمي مرهقة , وهذا الألف لا استطيع أن أشتري به خبزاً .

التاجر :  كم أنتم مزعجون , لا فرق بينكم وبين الحيوانات المفترسة , خذ ثلاثة آلاف وأنصرف , لا أريد أن أراك مجدداً .

ومنذ ذلك الحين وأنا أتذكر هذا المكان جيداً , لقد مضى ثلاثون عاماً على تلك الحادثة , فعلا حين يموت الضمير, تكون حياة الغابة والحيوانات أرحم بكثير من تلك الإنسانية المزيفة .

****

طالعوا الصفحة الإجتماعية للصحيفة و اشتركوا فيها إن كنتم من ناصري الكلمة الحرة و العدل:

: https://www.facebook.com/khelfaoui2/

@elfaycalnews

instagram: journalelfaycal

ـ  أو تبرعوا لفائدة الصحيفة من أجل استمرارها من خلال موقعها

www.elfaycal.com

- Pour visiter notre page FB,et s'abonner si vous faites partie des défendeurs de la liberté d'expression et la justice  cliquez sur ce lien: : https://www.facebook.com/khelfaoui2/

To visit our FB page, and subscribe if you are one of the defendants of freedom of expression and justice click on this link:  https://www.facebook.com/khelfaoui2/

Ou vous faites  un don pour aider notre continuité en allant  sur le site : www.elfaycal.com

Or you donate to help our continuity by going to the site:www.elfaycal.com

آخر تعديل على الأربعاء, 14 تشرين2/نوفمبر 2018

وسائط